Monday, June 05, 2017

شجرة المكرونة

شجرة المكرونة

بينما تقرأ فتاة نتكتم على اسمها مئة عام من العزلة، كانت أغصان شجرة خارج شباكها تمتد باتجاه جسمها. ولو أن رواية أخرى تقول العكس: لم تكن قرب شباكها شجرة قط قبل أن تبدأ القراءة. غير أن الروايتين سريعا ما تتفقان: كانت فتاة عادية، تستعد للالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويحبها ابن خال لها مقيم في المنامة ويكبرها بست سنين. يقال إنها كانت قد بدأت تكتب قصصا قصيرة جدا وإن مدرس الجغرافيا في مدرستها اصطحبها مرة أو اثنتين على سبيل التشجيع إلى نادي الأدب القريب. ينكر هذا المدرس الآن جملة وتفصيلا أن يكون قال لها "دعك من موراكامي، وعليك  بالبداية الصحيحة". يقول "أنا مدرس جغرافيا فقط، حتى أنه ليست في بيتي اصلا نسخة من مئة عام من العزلة".

المهم، ومهما يكن اتجاه الأغصان، أن لدينا الآن في قرية عادية، اسمها موجود في دفاتر الحكومة خلافا لماكوندو، شجرةً متصلة بفتاة، شجرة تلقى حول جذعها المكرونة بالشطة، وفتاة تعيش على النور والماء، وشباكا لا يغلق، ومعلم جغرافيا يصعد كل ليلة إلى سطح بيته فيحرق نسخة من مئة عام من العزلة، وبمجرد أن ينزل إلى شقته يجدها على الرف، بلا ذرة غبار عليها، بينما مجلدات قصة الحضارة عن يمينها، وشخصية مصر عن يسارها، غارقة في تراب أسود. وما الذي يمكن أن نقوله عن المنامة؟ الكلام الآمن أنها عاصمة مملكة البحرين، وأنها ـ بحسب ويكيبديا ـ تقع على ساحلها الشمالي، وتتجاوز مساحتها سبعة وعشرين كيلو مترا بقليل. ولا داعي لأي كلام عن طبيب أمراض جلدية مقيم فيها بحسب ما يشهد به مرضى وأصدقاء ومستندات حكومية، ومع ذلك، ومع ذلك كله ...